عربينا

تساؤلات المغترب حول العربيه في المهجر

اختراع الطباعه وازمه الكتابه العربيه

انظر الى الاله البدائيه في الصوره. انها اول اله طباعه في اوروبا، اخترعها المبدع الالماني Johannes Gutenberg عام 1439 بهدف تسهيل عمليه نسخ النصوص المكتوبه التي كانت تنقش يدويا من قبل حرفيين مختصين في عمليه بطيئه مضنيه ومعرضه للخطأ، فتحوّلت من بعده الكتابه من حرفه يدويه الى صناعه. ولعل الاثر الاكبر لاختراع Gutenberg لم يكن مقصودا على الاطلاق، لان اله الطباعه تركت اثرا ابديا واضحا على انظمه الكتابه في معظم لغات العالم.

انظر مثلا ماذا فعل اختراع الطباعه بنظام الكتابه الانجليزيه:

قبل الطباعه بقليل

The Ellesmere manuscript

by Jeoffrey Chaucer

~1400AD

بعد الطباعه بقليل

The Myrrour of The Worlde

by William Caxton

~1480AD

Boke of Presidents

~1555AD

The Laws, Resolutions of Women Rights

~1632AD

لاحظ كيف اصبحت الاحرف متفرقّه بعدما كانت متصله ببعضها البعض. ذلك طبعا نتيجه مباشره لطريقه عمل اله الطباعه التي تحتوي على قطع خشبيه او معدنيه يمثل كل منها حرفا واحدا بحيث يمكن تريبها على التتابع لتشكيل مسودّه للنص. وبما  ان القطع منفصله فهذا يستوجب ان تكون احرف اللغه المطبوعه منفصله ايضا.

هذا الواقع الهندسي وحده قاد النص الكتابي لمعظم لغات اوروبا نحو تحوّر سريع جدا بعيدا عن نظام الاحرف المتصله {cursive} والذي كان هو الامثل ايام الكتابه اليدويه كون الاحرف المتصله اسهل كتابه يدويا لانك لا تحتاج لان ترفع القلم او الريشه بين الحرف والاخر.

لاحظ ايضا كيف فقدت الاحرف كثيرا من شكلياتها الجماليه واصبحت ابسط واوضح، ذلك ان عمليه الكتابه ما عادت عمليه فنيه محصوره بين فئه قليله من الناس، بل اصبحت مفتوحه للجميع وبالتالي ان اوان اعدادها لاستهلاك الجموع عامه بأقل كميه من الكماليات الشكليه وبالتركيز على الجانب العملي…

الحقيقه ان اختراع الطباعه احدث ثوره مماثله في انظمه الكتابه في شتى انحاء العالم، فقد نشره الاوروبيون الى امريكا اللاتينيه ومن ثم افريقيا فاسيا الوسطى نهايه بدول اسيا الشرقيه، محدثا انقلابا على طرق الكتابه اليدويه التقليديه في كل البقاع التي وصلها. كذلك تقلب طفرات التكنولوجيا حياه الشعوب رأسا على عقب، فتترك اثارها على كل مناحي حياتهم بما فيها اللغه، اللهم الا الشعوب التي لا تواكب ركب تطورات التكنولوجيا فتفشل في مواكبه التحورات المقابله لها والتي يعيشها العالم حولها.

وهنا مربط الفرس، فعصر اله الطباعه اشرف على العالم في زمن كانت فيه الامه العربيه تغط فيه في سبات عميق، وحيث انهمكت اوروبا في تطوير اللغه المكتوبه منذ بدايات القرن الخامس عشر، لم تكن لتجد في العالم العربي اله طابعه واحده طوال القرن الخامس عشر بأكمله، بل ولا طوال الاعوام الثلاثمئه اللاحقه، حتى وصل ذلك الاختراع العجيب الى مصر اخيرا على ظهر سفن الحمله الفرنسيه النابليونيه، ليجد الامه العربيه لا تزال تكتب يدويا على طريقه اجداد اجداد اجداد نابليون. كانت تلك بلا شك بدايه تخلف الكتابه العربيه عن ركب الحضاره ومن هناك بدأت الازمه بين الكتابه العربيه وتكنولوجيا المعلومات.

بعد ادراك ابعاد الثوره التي احدثها اختراع الطباعه، وما تبعها من تحورات متسارعه ومتتابعه على لغات العالم الحديث، حان لنا الان ان نتساءل: لماذا لا تزال الكتابه العربيه مقتصره على الاحرف الملتصقه فقط، بعدما فرضت الطباعه على معظم لغات العالم استحداث انظمه كتابه منفصله الاحرف؟ وفي اي لغات العالم اليوم (سوى العربيه) تجد للحرف الواحد اشكالا متعدده بحسب وروده اول الكلمه او وسطها او اخرها؟ الا تمثل هذا الظواهر الاشكاليه نقاط ضعف في نظام الكتابه العربيه الحالي، من حيث سهوله التوافق مع وسائل التكنولوجيا الحديثه، او من حيث سهوله تعلمها لغير العرب، او من حيث سهوله قراءتها على العيون؟

3 comments for “اختراع الطباعه وازمه الكتابه العربيه

Comments are closed.