عربينا

تساؤلات المغترب حول العربيه في المهجر

حركات الاعراب

[قواعد كتابه عربينا نابعه من اهداف واولويات مفصله في مقالات سابقه]

قد اطلت عليكم الغيبه منذ المقاله السابقه، لا بداعي الكسل او الانشغال وانما لأن موضوع حركات التشكيل موضوع شائك وهو بحاجه لتريث قبل اختيار الاسلوب الامثل للتصدي له في عربينا. وبعد تفكير وتمحيص وصلت الى ما يلي، اضعه بين ايديكم وانا انتظر ان اسمع ردودكم على هذه القواعد:

تذكير بنوعي الحركات

ذكرنا فيما سبق ان عربينا تميّز بين الحركات على اوائل واواسط الكلمات (والتي سميناها حركات التشكيل) والحركات على اواخر الكلمات والتي نسميها حركات الاعراب.

وللتذكير نعيد هنا تفصيل الاختلافات بين حركات التشكيل وحركات الاعراب:

حركات الاعراب حركات التشكيل
تحدد لفظ اواخر الكلمات تحدد لفظ الاحرف داخل الكلمات
تتغير في نفس المفرده بحسب موقها ودورها في الجمل لا تتغير في المفرده الواحده مهما تغير موقعها ودورها في الجمل
تغييرها يغير وظيفه الكلمه في الجمله ولا يغير معنى الكلمه

بيتٌ=مبتدأ، بيتَ=مفعول به مضاف، بيتِ=اسم مجرور، بيتُ=فاعل مضاف، بيتْ=مبهمه الدور في الجمله

تغييرها يحول الكلمه الى كلمه اخرى اي يغير المعنى

مثال: مَنى=موت، مُنى=امنيات، مِنى=واد في مكّه

فتحه، ضمه، كسره، سكون، تنوين فتح، تنوين ضم، تنوين كسر فتحه، ضمه، كسره، سكون

حركات التشكيل في عربينا

كما ورد في مقال سابق مخصص لتناول حركات التشكيل،  فإن عربينا تحوّل حركات التشكيل الى احرف علّه قصيره لازمه الكتابه كما يلي:

يقابلها حرف علّه في عربينا
حركه التشكيل
a فتحه
u ضمّه
i كسره

والحكمه وراء تحويل حركات التشكيل من اختياريه الى الزاميه الكتابه تكمن في ان حركات التشكيل جزء مهم من المحتوى المعلوماتي {information content} للكلمه. فالكثير من المفردات المختلفه في المعنى تتطابق تماما في تسلسل الاحرف ولا تختلف الّا في حركات التشكيل. ولذلك فإن حذف حركات التشكيل يسبب غموضا في المعنى يتطلب من القاريء جهدا اضافيا لتأويل المعنى حسب السياق.

وحتّى السياق لا يكفي احيانا للتمييز بين المفردات المتطابقه في الاحرف والمتباينه في الحركات. فلولا حركات التشكيل لما كان للقاعده الفقهيه التاليه مثلا اي معنى:

اذا حضر العَشاء مع العِشاء فقّدموا العَشاء على العِشاء

كمثال اخر، وصلنتي من صديقي الصوره التاليه التي هي خير شاهد على ضروره تشكيل اواسط الكلمات، فلولا حركات التشكيل لما بان الفرق بين “حِمْيَر” و”حَمِير”:

حركات الاعراب في عربينا

امّا حركات الاعراب فهي بعكس حركات التشكيل لا تغيّر معنى المفرده، وانما هي (كما يوحي اسمها) تعكس موضع الكلمه من الاعراب، او بمعنى آخر فإن وظيفه حركات الاعراب هي ان تخبرنا عن دور الكلمه في الجمله. وبحذف حركات الاعراب اذاً وجب على القاريء تأويل السياق لمعرفه دور الكلمات في الجمل. خذ الجمله التاليه كمثال:

عضّ الولد الكلب

هنا تخبرنا حركات الاعراب ان “الولدَ” هو المفعول به و “الكلبُ” هو الفاعل. وبغياب تلك الحركات وجب علينا تأويل السياق لتمييز الفاعل عن المفعول به. ولكن هل هذه بالفعل مشكله؟

لاحظ اوّلا ان التأويل في الجمله السابقه سهل جدّا لأن المنطقي ان يعض الكلبُ الولد وليس العكس.

لاحظ بعد ذلك ما يلي:

  • ان معظم اللغات المعاصره، واللغات اللاتينيه على وجه الخصوص، لا توظّف ادوات كتابيه لتوضيح موقع الكلمات من الاعراب على العموم. على العلم ان اللغه اللاتينيه نفسها كانت تحتوي على زوائد تخدم هذا الغرض بالذات، ولكن تلك الزوائد انقرضت مع الزمن، مما يوحي بعدم ضرورتها عمليّا. ان الانجليزيه مثلا هي اللغه العتمده في كل النصوص العلميه الدقيقه من ابحاث او مراجع او مؤتمرات، وهي تخدم هذا الغرض دون الحاجه الى اداه كتابيه لتبيان دور الكلمات في الجمل (كحركات اعراب مثلا)، بل يكفي السياق وحده لتمييز دور الكلمات في الجمل الانجليزيه حتى في اكثر النصوص العلميه دقّه وتعقيدا
  • ان النصوص العربيه المعاصره كالادب الحديث والمقاله والجريده تكاد لا تحتوي بالمرّه على حركات اعراب مكتوبه، ولكنها لا تزال تلفظ عند القراءه. اعد قراءه هذه المقاله مثلا وامعن النظر – هل هناك اي حركات اعراب مكتوبه فيها؟ والسؤال، اذا كانت بالامكان استنباط حركات الاعراب من سياق الجمل دون كتابتها، فما الذي يمنع ان لا نلفظها بل نترك المستمعين يستنبطون دلالاتها (اي دور الكلمات في الجمل) من السياق دون ادلّه لفظيه؟
  • ان اللهجات العربيه الدارجه اليوم، كالمصريه والفلسطينيه واللبنانيه، لا تحتوي على حركات اعراب ملفوظه بالمرّه. فكيف تُميّزعزيزي القاريء بين الفاعل والمفعول في كلامك اليومي دون اي مشقّه اذا كانت لغتك الشفهيه لا تحتوي على علامات فارقه؟

الحقيقه ان حركات الاعراب زوائد غير ضروريه الكتابه، وغير ضروريّه اللفظ. فالسياق يكفي لاستنباط مواقع الكلمات من الاعراب بحسب الجمل. وعربينا تترك الكلمات دون حركات اعراب مكتوبه، وتترك للقاريء الاختيار في ان يلفظها او يسكّن اواخر الكلمات حسب الرغبه. فالشعر مثلا يتطلب لفظ حركات اواخر الكلمات احيانا حتّي يستقيم الوزن والقافيه. امّا قراءه عناوين الاخبار مثلا فلا داعي للفظ حركات الاعراب فيها. وفي الحالتين للقاريء الخيار.

وهذا الحريّه المتاحه في عربينا تترك امام القاريء الاجنبي سهوله قراءه الكلمات كما تكتب تماما دون الحاجه لاضافه حركات في اواخر الكلمات، وتترك في نفس الوقت اما القاريء العربي حريّه تشكيل اواخر الكلمات عند لفظها اذا اراد.

كما ان حذف حركات الاعراب من نظام الكتابه يهدم حاجزا كبيرا يحول بين الاطفال المغتربين ولغتهم الام، فيسهل بذلك تقديم العربيه للناطقين باللغات اللاتينيه من الاطفال دون الحاجه الى الخوض في تعقيدات كثيره التنفير وقليله الفائده.

واخيرا وليس آخرا، فإن حذف حركات الاعراب يجعل النص العربي اكثر قابليه للتحليل من قبل الانظمه الالكترونيه، بحيث تكون للمفرده طريقه كتابه واحده بغض النظر عن موقعها في الجمله {token invariance property}.


وللتلخيص فإن حركات الاعراب في عربينا لا تكتب اطلاقا، ولكنها اختياريه اللفظ او التسكين بحسب الرغبه

امثله

والان اصبح بإمكاننا لإول مرّه كتابه جمل كامله باستخدام نظام عربينا:

ʒad̆d̆ ɣkalb ɣõalad
عضّ الكلبُ الولدَ
ʒazz man k̆aniʒ
عزَّ من قنع
aỹn ant ɣᴣãn?
إين أنت الان؟
man jadd õajad من جدّ وجد

ماذا عن التنوين

اغفلنا عمدا الى حد الان تناول تنوين الفتح او الضم اوالكسر، وذلك لأن التنوين حاله خاصه سنفرد لها بابا في المرّه القادمه، فتابعونا!